افتتاحية اليوم: هل تكون القمة العربية بداية تحوّل أم تكريس للإنقسام؟

تستضيف العاصمة العراقية بغداد، اليوم السبت، أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين بمشاركة قادة وزعماء وممثلي 21 دولة عربية، في ظرف إقليمي ودولي دقيق، يجعل من هذه القمة محطة محورية لإعادة تفعيل العمل العربي المشترك وترميم البيت العربي الذي أنهكته الانقسامات والصراعات.
هذه القمة التي تعقد في القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء وسط إجراءات أمنية ولوجستية غير مسبوقة، تعكس أهمية الحدث والرهانات المعقودة عليه، وقد تصدرت ملفات فلسطين وسوريا ولبنان واليمن جدول الأعمال، إلى جانب قضايا اقتصادية وتنموية تتعلق بالتكامل العربي والتحديات المناخية.
ومما لا شك فيه ان انعقاد القمة في بغداد يحمل بُعداً سياسياً خاصاً، إذ يعلن من جديد عودة العراق إلى دوره المحوري في محيطه العربي، بعد سنوات من التراجع بسبب الحروب والإرهاب والتدخلات الخارجية، فالعراق اليوم يقدم نفسه كدولة فاعلة وقادرة على لعب دور الوسيط بين الفرقاء العرب، وجامعٍ لمختلف الأطراف على طاولة الحوار.
ويحظي الملف الفلسطيني بأولوية مطلقة في المناقشات، في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وتدهور الأوضاع الإنسانية هناك، ومن المنتظر أن تصدر القمة بياناً موحداً يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويدعو إلى تحرك دولي عاجل لحماية الشعب الفلسطيني.
أما الملف السوري، فيحضر هذه المرة بوجه جديد بعد الإطاحة ببشار الأسد، وتولي أحمد الشرع رئاسة البلاد، فعلى الرغم من غياب الرئيس السوري عن القمة، فإن مشاركة وفد رسمي برئاسة وزير الخارجية تمثل خطوة جديدة في طريق عودة سوريا إلى مقعدها العربي بعد سنوات من التجميد.
اما على مستوى اهمية هذه القمة فانها تنعقد في وقت تواجه فيه المنطقة العربية تحديات غير مسبوقة، من تصاعد النفوذ الإيراني والتركي في عدة دول عربية، إلى التدخلات الغربية في السياسات الإقليمية، كما تشهد بعض الدول أزمات داخلية معقدة، في اليمن ولبنان والسودان، تحتاج إلى رؤية جماعية وإرادة سياسية حقيقية لحلحلتها.
ويرى مراقبون أن نجاح القمة في إصدار قرارات عملية وذات أثر ملموس سيكون مؤشراً على بداية تحول نوعي في النهج العربي، بينما قد يؤدي غياب الرؤية المشتركة إلى تكريس الانقسام وفقدان الثقة بالمنظومة العربية.