إما تدويل المسألة أو الإنهيار
مع دخول البلاد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة؛ استفسارات عديدة تؤرق بال المواطن اللبناني المنهك من الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي فتكت بيومياته؛ وفي لبنان يراهن الجميع على تسوية دولية قادمة لانقاذه من الانهيار الذي وقع فيه أساساً؛ رغم محاولة جميع القوى السياسية نكران هذا الموضوع والتفاخر بسيادة القرار وداخليته؛ لكن إشارات ارسلها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي دلّت وبشكل واضح على سعي المسؤولين اللبنانيين الطلب من الخارج التدخل لحل الازمة اللبنانية؛ فميقاتي كان قد اكد امام وفد نقابة المحررين أن المعطيات الخارجية تشير الى امكانية ايجاد حلول قريبة في لبنان لكن الموضوع يحتاج الى وقت؛ فمن أين ستأتي هذه الحلول (فرنساالسعوديةايران وأميركا)؛ كلام ميقاتي لم يترك مجالاً للشك حول أن الازمة اللبنانية ان لناحية الاقتصاد أو لناحية السياسة لا سبيل لها سوى بتدخل دولي على غرار الطائف والدوحة؛ فمن سيكون المنقذ في هذه المرة ؟
مصير مجهول!!!
لا يخفي العديد من المتابعين والمقربين للاحزاب والقوى الفاعلة في البلد امكانية الوصول الى تفاهم حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الاشهر الثلاثة الاولى من العام 2023 في ظل جمود ومراوحة سادت الملف لمدة ثلاث أشهر؛ ، لكن وفي المقابل فان أوساط سياسية أخرى أبدت تشائماً لناحية أن البلاد وفي الفترة الفاصلة عن الوصول الى تسوية مقبلة سيدخل مرحلة صعبة جداً استناداً للوقائع الداخلية/ خصوصاً مع الحرب الحاصلة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ومن يسانده من جهة؛ والتيار الوطني الحر من جهة اخرى؛ وهو نزاع دستوري لكنه اخذ طابع تعطيل عمل الحكومة ومنعها عن القيام بدورها باعتبارها مستقيلة؛ ومع اصرار ميقاتي على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في الحالة الضرورية واصرار باسيل على امكانية السير بالمراسيم الجوالة؛ يبدو وكأننا سنعيش فترة نزاع يذهب ضحيتها اللبنانيون ويفرح فيها تجار السوق السوداء الذين ما زالوا الى الان يتحكمون بسعر الدولار محلقين معه الى حاجز ال 50 ألف ليرة وربما قبل بداية العام الجديد.
في هذه الاثناء ينتظر الشعب تعميماً من حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يضبط التفلت الحاصل في سعر الصرف ويعيده على الاقل الى حاجز ال 40 ألف قبل أن يستتبع مساره صعوداً دون عودة في ظل غياب القوى السياسية عن الحضور الفاعل وانعدام مشاعر الوطنية والاحساس بأوجاع الناس والامهم.
اذاً لبنان مقبل على مرحلة جديدة عنوانها “الاحتيار” وستدخل أول ايامها مع بداية العام الجديد وانتهاء عطلة المجلس وعودة عجلة جلسات الانتخاب الى الدوران من جديد؛ فلا من شيئ يمنع الرئيس بري من الدعوة مجدداً مع بداية الشهر الاول من العام الجديد الى جلسة جديدة لانتخاب خلف للرئيس السابق للجمهورية ميشال عون؛ خصوصاً بعد اصرار الثنائي المسيحي الاكبر “القوات والتيار الوطني الحر” على رفض دعوة بري الحوارية ولاسباب مختلفة من الطرفين؛ ومع عناد رئيس التيار جبران باسيل بالمسألة المتعلقة بانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية؛ ليبدو وكأنه المعطل الاول للاستحقاق في ظل خوضه نزاعات مع جميع القوى دون استثناء على قاعدة ” بعد عمري عمرو ما حدا يعيش”؛ ولكن لمتى سيصبر حزب الله على حليفه المسيحي الاول بالرغم من رسائل التهدئة التي أرسلها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله والتي أكد من خلالها عدم رغبة الحزب بفضّ التحالف والتفاهم الذي وقع في السادس من شباط عام 2006 في كنيسة مار مخايل.
أيام قليلة ويدخل لبنان عامه الجديد وهو العام الاول بعد المئة على اعلان دولة لبنان الكبير؛ فهل تحمل الرسائل الدولية بشارات خير للبنان وشعبه تساهم أولاً في حل المعضلة السياسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة وطنية وصولا لتحسين الاوضاع الاقتصادية؛ أم أن الانهيار الكبير سيستمر؟
المصدر: خاص رأي سياسي