حسين زلغوط
خاص- “رأي سياسي”:
قبل ان يطل رئيس مجلس النواب نبيه بري على اللبنانيين السبت الفائت في الذكرى الـ46 لتغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه، كان قد التقى صباحا في عين التينة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، وفي سياق حديثهما جرى التطرق الى ضرورة انتخاب رئيس سيما واننا اصبحنا على عتبة السنتين من الفراغ الرئاسي، وجيء على ذكر ان سفراء اللجنة الخماسية يستعدون للتحرك من جديد في محاولة لتحريك المياه السياسية الراكدة، ولنفض الغبار عن الملف الرئاسي الموضوع على رف الانتظار منذ فترة طويلة.
الرئيس بري شجع خلال اللقاء على اي مسعى يرمي الى انتخاب رئيس، وهو فاتح السفير بخاري بأن الخطاب الذي سيلقيه بعد الظهر يتضمن فقرة سيؤكد فيها أن هذا الاستحقاق هو إستحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، وأنه ايضا سيعيد ما كان طرحه في 31 آب من العام الماضي لجهة الدعوة المفتوحة للحوار أو التشاور، لأيام معدودة يليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي طرف كان.
وقد تحدث رئيس المجلس امام سفير المملكة بصراحة تامة حول ضرورة التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة الى إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد، وهذا الكلام كان محط ترحيب وثناء من السفير بخاري.
غير ان الرياح السياسية جرت على عكس ما تشتهي دعوة بري الحوارية، اذ انه بدلا من ان تسلك الطريق الآمن باتجاه تفهم الأطراف السياسية دقة وحراجة وخطورة المرحلة التي تعيشها المنطقة، سرعان ما اطلقت عليها النار من قبل الجهات نفسها التي اطلقت النار على الدعوة الاولى وهو ما وضع العصي في عجلاتها وأعاقها دون وصولها الى الهدف المرجو.
ومما لا شك فيه ان المواقف التي صدرت بعد كلمة رئيس المجلس ولا سيما تلك التي اطلقها الاحد الفائت سمير جعجع من معراب أظهرت ان فرص التلاقي المباشر بين الأطراف السياسية في الوقت الراهن من سابع المستحيلات، ما دام كل فريق يرفض تخفيض منسوب مواقفه ويتمسك بشروطه، وفي حال لم تحمل “الخماسية” في تحركها المتجدد اي معطى جديد فان ذلك يعني بقاء طريق القصر الجمهوري غير سالكة، لأشهر اضافية خصوصا وأن العالم كله منشغل عنا كوننا لم نعد اولوية في أجندة أولوياته.
وفي رأي مصادر وزارية تحدثت لموقع “رأي سياسي” أن لا بوادر توحي بامكانية انتخاب رئيس قبل نهاية العام الحالي لاعتبارات داخلية وخارجية، الاعتبارات الداخلية ابرزها انه لا يوجد اي فريق سياسي يريد النزول عن شجرة مواقفه العالية، وان البعض ما زال يراهن على متغيرات خارجية من شأنها ان تعزز ورقته الرئاسية، اما الاعتبار الخارجي فهناك دولاً لها دور فاعل في انتخاب الرئيس غائبة عن المشهد اللبناني ومنشغلة بمشاكلها واستحقاقتها الداخلية. ففرنسا تعيش نتيجة انتخاباتها الاخيرة حالة من اللا استقرار سياسي يمنع عنها التدخل المباشر بالأزمة السياسية في لبنان، وواشنطن دخلت مرحلة “الكوما” الانتخابية، بالاضافة الى مشاكلها في اكثر من مكان، فالبيت الابيض اغلق نوافذه على ملفات الخارج وهو يستعد للانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الثاني المقبل، وهذا يعني ان الادارة الاميركية آخر همها ان كان للبنان رئيسا للجمهورية أم لا. كل ذلك يؤشر الى ان لا امكانية لانتخاب رئيس في غضون الثلاثة اشهر المقبلة، مما يعني ان الشغور الرئاسي سيبقى مستوطناً في قصر بعبدا، وستبقى معه التجاذبات والنكد السياسي، الى ان يقضي الله أمراً كان مفعولا..