أنقذوا السودان قبل فوات الأوان

كتب محمد سعود يوسف البدر, في “القبس”:
ابتلي السودان الشقيق منذ العام الماضي بحرب أهلية عبثية بين طرفي الصراع، الجنرال عبدالفتاح البرهان قائد الجيش، والجنرال محمد حمدان دوغلو قائد قوات الدعم السريع، وكلاهما ينتمي إلى القوات المسلحة السودانية، بهدف التنافس للاستيلاء على السلطة والتسلط والسيطرة على الثروات، مما أدى إلى سقوط ضحايا، وتشريد ونزوح الملايين من السكان إلى مختلف الأقاليم السودانية والدول المجاورة، وحدوث مآسٍ ومعاناة ودمار في كثير من الممتلكات والمباني، وخروج بعض المستشفيات عن الخدمة، وتعطّل التعليم وكثير من الخدمات العامة، وشح الغذاء والدواء، على الرغم من أن السودان كان يوصف بأنه سلة الغذاء العربي، وأصبح الشعب السوداني يعاني من الفقر والجوع والمرض، ويصر الطرفان على استمرار المعارك بينهما لهزيمة الطرف الآخر، ولكن هذا الهدف يبدو بعيد المنال للطرفين، خاصة أنه يتردد أنهما يتلقيان دعماً خارجياً، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يكون الجنرالان أداة لتنفيذ رغبات أطراف خارجية، والاستجابة لأهوائها، على حساب تدمير وطنهما ومعاناة شعبهما؟ أصبح السودان ضحية لصراعات محلية وإقليمية ودولية، إلى جانب النعرات القبلية والعرقية، ومكونات اجتماعية متناقضة في المجتمع السوداني، وصراعات ونزاعات مستمرة في البلاد.
وإذا استمر هذا الصراع المتصاعد بين الطرفين، على الرغم من المحاولات المتعددة لحل هذا النزاع، وكذلك فشل الكثير من الوساطات لإيقاف هذه الحرب المدمرة للاستيلاء على السلطة، فإن بوادر دخول السودان في دائرة الخطر بالتقسيم وتمزيق المجتمع ووحدة البلاد، خاصة أن بعض الأقاليم والولايات تم تشكيل حكومات محلية وأنظمة فيها مستقلة عن الإدارة المركزية الشرعية للدولة.
وفي اعتقادنا فإن على المجتمع الدولي، وخاصة الإسلامي والعربي، الإسراع إلى التدخل وتحكيم العقل والمصلحة العامة للدولة والشعب السوداني، وأن يتقي الطرفان المتنازعان الله في وطنهما ومواطنيهما، وإذا رفض الطرفان حل النزاع والاستمرار في هذه المآسي والمعاناة، فهناك الحل الأمثل لإنهاء هذا الاقتتال بتحكيم الشريعة الإسلامية. ولإنهاء الاقتتال بين طائفتين من المسلمين والإصلاح بينهما، في حال بغت إحداهما على الأخرى، فعلى المسلمين قتال الطرف الرافض لهذا الإصلاح، حتى ينصاع للحق وتسوية النزاع بالعدل والإنصاف بينهما. ولكن هل هذا الحل المثالي الرباني ممكن في هذه الظروف، التي يمر بها المجتمع العربي والإسلامي، وكل دولة مشغولة في شؤونها الداخلية، ويعاني كثير منها من صراعات ونزاعات وحروب أهلية داخلية فيها، تسمح بهذا التدخل؟!
ولعل طرفي النزاع يثوبان إلى رشدهما، وتتفق كل فئات الشعب وأطيافه على التكاتف والتعاون لإنهاء هذه الحروب المحلية، ووقف التدخلات الخارجية، وإجراء انتخابات عامة رئاسية ونيابية حرة ونزيهة، بإشراف أطراف محلية وعربية ودولية محايدة، بعيداً عن مشاركة طرفي النزاع، كي يصل السودان الشقيق إلى بر الأمان والاستقرار والسلام، ليتفرغ الجميع لبناء بلدهم واستثمار ثرواتهم، لينعم أشقاؤنا في السودان بحياة كريمة ومستقبل زاهر وغد مشرق، ليأخذ السودان مكانه اللائق بين الأمم بعون من الله وتوفيقه.