أبرزرأي

ألمانيا ـ ما مدى توظيف هجوم ماغديبورغ في الحملة الانتخابية؟

كتب أوليفر بيبر في DW.

بعد أقل من ساعة فقط على الهجوم المميت على سوق عيد الميلاد في مدينة ماغديبورغ، بدأت أولى المحاولات لتأجيج المزاج العام إثر هذه الجريمة بادعاءات كاذبة وتحقيق مكاسب سياسية منها، حيث زُعم أنَّ منفذ هذا الهجوم هو رجل سوري جاء إلى ألمانيا كلاجئ في عام 2015 أو 2016. وإنَّ هذا الهجوم لا يقف خلفه مجرم واحد، بل خمسة أشخاص، ثلاثة منهم ما يزالون فارين، بالإضافة إلى زعم وجود قنبلة في سوق عيد الميلاد، وأنَّ 34 شخصًا قتلوا في هذا الهجوم.

وقد تصدَّر حملة التضليل بشكل خاص المتطرف اليميني النمساوي مارتن زيلنر، القيادي في شبكة اليمينيين الجديد في أوروبا. وهكذا بدأت النبرة المعادية للأجانب، فقد تبعه بعد وقت قصير سياسيون من  حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المصنف متطرفا في بعض الولايات. فقد نشر سفين تريتشلر، وهو نائب زعيم الكتلة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا في ولاية شمال الراين ويستفاليا في غرب ألمانيا: “فقط حزب البديل من أجل ألمانيا كان سيقوم بترحيل هذا الرجل منذ فترة طويلة”، في إشارة إلى منفذ الهجوم. 

وكذلك كتب دومينيك كاوفنَر، النائب عن حزب البديل من أجل ألمانيا في برلمان ولاية براندنبورغ المحيطة ببرلين: “المشكلة هي ملايين المهاجرين، والحل هو إعادة ملايين المهاجرين إلى أوطانهم”. واعتبرت فانيسا بيهريندت، النائبة عن حزب البديل من أجل ألمانيا في برلمان ولاية سكسونيا السفلى شمال غرب ألمانيا، أنَّ المسؤولين عن هذا الهجوم هم  الحزب الديمقراطي الاشتراكي  (SPD)، و الحزب المسيحي الديمقراطي  (CDU)، و حزب الخضر ، وحزب اليسار. وكتبت مخاطبة هذه الأحزاب: “أنتم المسؤولون عن هذا الهجوم. أنتم وحدكم فقط”. مع أنَّ منفذ هذا الهجوم، الطبيب طالب أ.،  منتقد للإسلام ومتعاطف مع حزب البديل من أجل ألمانيا.

هل تتجه ألمانيا نحو اليمين أكثر؟

أما زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا ومرشحة الحزب لمنصب المستشار، أليس فايدل فقد توخت لهذا السبب الحذر عندما كتبت على موقع إكس: “متى سينتهي هذا الجنون؟”.

لم يتبق سوى شهرين حتى إجراء الانتخابات الفيدرالية المقررة في الـ23 من شباط/فبراير القادم، ومن الممكن أن يكون لهجوم ماغديبورغ تأثير كبير على الحملة الانتخابية.

وفي هذا الصدد قال خبير العلوم السياسية والباحث المختص في الأحزاب بنيامين هونه لـDW: “الاتجاه العام يتجه أكثر وأكثر نحو اليمين، وتنتشر السرديات اليمينية. وقد تراجعت إلى الخلفية سياسة الهجرة المنفتحة، التي تحاول الاعتراف بحقوق الإنسان على مستوى العالم. وعلى الأرجح أنَّ تؤدي هذه الأحداث الكارثية، مثل هذا الحدث في ماغديبورغ، إلى تفاقم هذا الاتجاه أكثر”.

انتقادات للحزب الديمقراطي الاشتراكي ووزيرة الداخلية 

من جانبه هاجم ” تحالف سارة فاغنكنيشت ” (BSW) الشعبوي، الذي يعمل من أجل سياسة هجرة أكثر تقييدًا، وزيرةَ الداخلية الاتحادية الاتحادية نانسي فايزر من الحزب الديمقراطي الاشتراكي. وقالت زعيمة الحزب  سارة فاغنكنيشت  إنَّ الوزيرة نانسي فايزر يجب عليها أن تجيب مجددًا على السؤال: “لماذا تم تجاهل هذا العدد الكبير من المؤشرات والتحذيرات السابقة”. وذكرت أنَّ السعودية قد أرسلت بحسب تقرير من وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) ما يشبه  التحذير من هذا الرجل إلى السلطات الألمانية قبل نحو عام.

وبالتكير بهجومي زولينغن ومانهايم، دعت رئيسة تحالف سارة فاغنكنيشت إلى أن توضع “أخيرًا خطة أمنية مقنعة تركز بوضوح على حماية الشعب” في ألمانيا.

وحول ذلك يقول خبير العلوم السياسية بنيامين هونه: “من الممكن الافتراض أنَّ الأحزاب، وخاصة اليمينية، ستحاول مهاجمة وزيرة الداخلية والحزب الديمقراطي الاشتراكي في المسألة الأمنية. وبما أنَّ الحزب الديمقراطي الاشتراكي هو المسؤول عن وزارة الداخلية وعن الأمن الداخلي في ألمانيا، فسيحاول بسبب هجوم ماغديبورغ عدم اللجوء إلى موقف دفاعي”.

تركيز الحملة الانتخابية على مسألتي الأمن والهجرة

وهذه ليست مهمة سهلة بالنسبة لحزب  المستشار أولاف شولتس، وذلك لأنَّ الألمان يميلون تقليديًا في مسألة “الأمن الداخلي” إلى الثقة في حزب الاتحاد المسيحي، المكون من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU) وشقيقه البافاري،  حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي  (CSU). والخبير بنيامين هونه مقتنع بأنَّ مسألتي الأمن والهجرة ستحددان الأجندة السياسية خلال الأسابيع القادمة، تمامًا كما رأينا ذلك في  الانتخابات المحلية الأخيرة في الولايات الألمانية الشرقية . لقد حدثت هناك بحسب تعبيره عملية “أمننة”.

“هذا يعني أنَّ مسألة الهجرة ستفرض نفسها على النقاش بشكل شبه حصري من منظور التهديدات الأمنية المحتملة أو الفعلية. وسيتم دفع جوانب أخرى من مسألة الهجرة إلى الخلفية – مثل السؤال حول إمكانية شغل الوظائف أو توظيف كوادر العمال المهرة في ألمانيا. وأخشى من أن يؤدي هجوم ماغديبورغ مرة أخرى إلى تعزيز هذا الاتجاه القائم أصلًا”.

إيلون ماسك يتدخل في الحملة الانتخابية الألمانية

ويضاف إلى ذلك: زيادة المحاولات الخارجية باستمرار للتأثير على السياسة الألمانية والحملة الانتخابية. فحملات التضليل من روسيا قائمة منذ فترة طويلة، ولكن الجديد هو أنَّ الملياردير التكنولوجي إيلون ماسك بات يهاجم الحكومة الألمانية على نحو متزايد. فقبل هجوم ماغديبورغ، دعا ماسك، وهو مستشار ترامب، إلى  التصويت لصالح حزب البديل، وطالب الآن باستقالة المستشار أولاف شولتس، الذي وصفه بأنَّه “أحمق غير كفء”.

وحول ذلك قال الخبير السياسي بنيامين هونه: “يجب على المؤسسات الحكومية وممثلي الحكومة الألمانية التفكير إن كان وجودهم على منصة إكس ما يزال مفيدًا من الناحية السياسية. ويجب أن يكون واضحًا للجميع الآن أنَّ إيلون ماسك يستغل شركته منصة إكس من أجل نشر أجندته السياسية في ألمانيا أيضًا”. وأضاف أنَّ المؤسسات الحكومية في جمهورية ألمانيا الاتحادية لا ينبغي لها أن “تقبل ذلك”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى