أزمات التعثر والإفلاس تحاصر شركة لإدارة الثروات في الصين
في إطار سلسلة الأزمات التي تواجه الاقتصاد الصيني أبلغت شركة كبرى لإدارة الثروات في الصين المستثمرين بأنها لا تستطيع دفع جميع فواتيرها، مما أثار المخاوف من أن الركود العقاري طويل الأمد في البلاد قد يمتد إلى قطاع الظل المصرفي الذي تبلغ قيمته ثلاثة تريليونات دولار.
وفي تقرير حديث كشفت “زونغي إنتربرايز غروب” للمستثمرين عن أنها “معسرة بشدة”، وفقاً لتقرير في موقع الأخبار الصيني المملوك للدولة. وفي الوقت نفسه نشرت وكالة “رويترز”، تقريراً مماثلاً.
وقالت الشركة التي يقع مقرها في بكين، والتي لها تعرض كبير لقطاع العقارات المتعثر بالصين في الرسالة إن حجم ديونها “ضخم”، وربطت إجمالي التزاماتها بما يصل إلى 460 مليار يوان (65 مليار دولار) مقابل أصول بقيمة 200 مليار يوان (28.28 مليار دولار). وأوضحت أنه “نظراً إلى أن أصول المجموعة تتركز في الديون واستثمارات الأسهم ولها مدة طويلة، فإن التحصيل صعب، والمبلغ القابل للاسترداد المتوقع منخفض، واستنفدت السيولة، وانخفاض قيمة الأصول خطر”.
المجموعة تسقط في أزمة التخلف عن السداد
وتعد المجموعة من أكبر التكتلات الخاصة في الصين التي تعمل في مجال الخدمات المالية والتعدين والسيارات الكهربائية. ونشأت المخاوف في شأن مواردها المالية للمرة الأولى في أغسطس (آب) الماضي، عندما قال صندوق تملكه جزئياً إنه تخلف عن سداد مدفوعات لمستثمري الشركات.
أيضاً، تعد “زونغي إنتربرايز غروب”، التي أدارت أموالاً بقيمة 87 مليار دولار لعملاء من الشركات والأفراد الأثرياء حتى نهاية عام 2022، واحدة من آلاف شركات إدارة الثروات في الصين التي تقدم مستويات عالية نسبياً من العائدات للمستثمرين.
ويقدر المحللون أن قيمة قطاع “الظل المصرفي”، تبلغ 2.9 تريليون دولار، مما يجعلها أكبر من الاقتصاد الفرنسي. وتوفر بنوك الظل في الصين عادة التمويل من خلال أنشطة خارج الموازنة العمومية أو عبر مؤسسات مالية غير مصرفية، مثل الشركات الائتمانية.
لكن ثمة جزء غامض وهائل من المشهد المالي في الصين، إذ أصبح قطاع “الظل المصرفي” تحت الأضواء مع تصاعد المخاوف في شأن مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يتصارع مع أزمة عقارية طويلة الأمد.
وقال المحللون إن المستثمرين في منتجات إدارة الثروات هذه في الصين يميلون إلى أن يكونوا من الطبقة المتوسطة والعليا بغالبية ساحقة، وأية حالات تخلف عن السداد أو حتى مخاوف ناجمة عن تأخر المدفوعات يمكن أن تقلل من ثقة المستهلك.
وفي بيانها اعتذرت المجموعة عن مشكلاتها المالية في الرسالة الموجهة إلى المستثمرين، وقالت إنه منذ وفاة مؤسسها في عام 2021، والاستقالة اللاحقة لكبار المسؤولين التنفيذيين، عانت إدارة داخلية “غير فعالة”.
أخطار العقارات تضغط بشدة على النمو
وقبل أيام حدث صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي السنوي للصين هذا العام والعام المقبل، إذ سجلت البلاد أداء أقوى من المتوقع في الربع الثالث وطرحت بكين سياسات لدعم التعافي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 5.4 في المئة خلال عام 2023 و4.6 في المئة خلال عام 2024، وهذه أعلى بنسبة 0.4 نقطة مئوية عن توقعات الصندوق السابقة.
ومع ذلك أشارت المؤسسة إلى أن تباطؤ النمو في العام المقبل سيكون على الأرجح بسبب الأخطار المستمرة الناجمة عن تراجع العقارات وضعف الطلب الخارجي. ودعا صندوق النقد الحكومة الصينية إلى المضي قدماً في الجهود الرامية إلى احتواء الأخطار الناجمة عن سوق العقارات وديون الحكومات المحلية لتعزيز المعنويات وتوقعات النمو على المدى القريب. وشدد على ضرورة أن تقوم السلطات في الصين باتخاذ إجراءات “قوية وكبيرة” لحل الأزمة التي طاولت قطاع العقارات في البلاد. وفي مؤتمر للصندوق، قال مدير إدارة البحوث في الصندوق بيير أوليفييه غورينشا، إن الصين من أكبر الاقتصادات التي خفض الصندوق توقعاته في شأنها، وتوقع أن تصل نسبة النمو إلى خمسة في المئة، في حين ستنخفض في العام المقبل عن المتوقع، لتسجل نحو 4.2 في المئة. وأضاف “نعرف أن هناك أزمة في قطاع العقارات، وتواجه الشركات المطورة مشكلة”، كما هناك “نقص وافتقار للثقة لدى الأفراد والعائلات”، داعياً السلطات إلى “اتخاذ إجراءات قوية” للتأكد من عدم وجود “أية زيادة في عدم الاستقرار المالي”.
واتخذت السلطات الصينية عديداً من الإجراءات الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد، من بينها حملة تحفيز كبيرة أسهمت في زيادة الإنفاق الاستهلاكي وإنتاج المصانع. وتعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ تكثيف الجهود لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية السنوية، مشدداً على أن البلاد ستعزز ضوابط الاقتصاد الكلي وتوسع الطلب المحلي في سعيها إلى تحقيق “التحسين المستمر” للاقتصاد، في أقوى إشارة إلى لإصرار السياسي على دعم الاقتصاد، وهذه الخطوات دفعت بنوكاً استثمارية إلى تغيير نظرتها بالنسبة إلى لاقتصاد الصيني، فعلى سبيل المثال رفعت بنوك من بينها “سيتي غروب” و”جيه بي مورغان تشيس”، توقعاتها لمعدل نمو اقتصاد الصين إلى خمسة في المئة خلال 2023. ولفت غورينشا، إلى أن الصندوق يرحب بالإجراءات التي اتخذت في الأشهر القليلة الماضية، ولكن ينبغي لهذه الإجراءات “أن تكون عامة وكبيرة”، منبهاً إلى ضرورة “معالجة المشكلة بالطريقة الصحيحة”. وأشار إلى أن “السياسة النقدية يمكن أن تساعد بطبيعة الحال، خصوصاً أن الصين في وضع مختلف عن العالم في ما يتعلق بالضغوط التضخمية، فالتضخم أقل من الهدف، لذلك هناك مساحة وحيز لتيسير السياسة النقدية”.